الاثنين، نوفمبر 19، 2007

الشعر



الفن وخصوصاً الشعر ظاهرة متفردة بذاتها وبالتالي لا تخضع ولا ينبغي أن تخضع لظواهر أخرى مختلفة عنه وإن كان من المقبول الاعتراف بأنه يتأثر بها أو يؤثر فيها
.
والفن بصفة عامة والشعر خصوصاً ليس من المفترض ارتباطه بالواقع فالشاعر بطبيعته يرى ما لا يراه غيره من الناس وبالتالي يخلق موجودات أكثر جمالاً وأشد تأثيراً في النفوس من موجودات العالم الواقعي وبالتالي يكون الاحساس بالحياه والكشف عن الطبيعة الانسانية ثمرة ابداع الشاعر خصوصاً والفنان عموماً
.
والحق الذي أريد هاهنا أن أظهره واؤكد عليه أن الشعر عالم قائم بذاته والمحاكاه الحرفية للطبيعة لا تخلق فناً فهو عالم بديل لعالم الواقع ينشئه الشاعر بعد أن يكتسب القدرة والوسيلة التي تعينة على خلق هذا العالم ولو كان الشاعر مجرد ناقل لكان الواقع دائماً أفضل من شعره لأن الأصل دائماً أفضل من الصورة وبالتالي تبرز عبقرية الشاعر كلما أبتعد عن الحقيقة وأنشأ عالماً فريداً من نوعه واذا كان الابداع والخلق هما صفتان من صفات الكمال الالهي كذلك يكون الشاعر هو اقرب الناس الى الله
هو الله الخالق البارىء المصور له الاسماء الحسنى
.
الشعر قيمة انسانيه راقية والشاعر انسان ممتاز ومتميز وامتيازه يكون ماثلاً في تعبيره عن ذاته وتعميقه لحياه الآخرين متغزلاً بدنيا غريبة رائعة لم تخلقها الحياه الا في أعمق أعماق قلبه المليء ببهاء الكون ومثل الحياه العليا ويغني أشهى أغاني الجمال وأعذب اناشيد القلب البشري لاجيال لم تخلق بعد ويصور عادات الحياه الخالدة على أبد الدهر ويصف أحاديث نفس الانسان التائهه في بيداء الزمان
.
الشعر هو ما تسمعه وتبصره في ضجة الريح وهدير البحار وفي بسمة الوردة الحائرة التي يدمدم فوقها النحل وترفرف حواليها الفراش وفي وسوسة الجدول الحالم المترنم بين الحقول وفي دمدمة النهر المتدفق حول البحار وفي ترنيمة البلبل وابتسامة الطفل ودمعة الثكلى وتورد وجنة العذراء وتجاعيد وجه الشيخ هو جمال البقاء وبقاء الجمال والرعشة أمام وجه الموت هو ميل جارف وحنين دائم الى الى أرض لم نعرفها ولن نعرفها وانجذاب ابدي لمعانقة الكون بأسره هو الذات الروحية التي تمتد حتى تلامس اطرافها أطراف الذات العاليه
.
الشعر هو ليس ذلك الشيء الذي تسمعه بأذنيك بين نبرات وخفضات القصيدة وانما هو تلك المسافات الصامتة المرتعشة والتي تسرب اليك ما بقى ساكناً مستوحشاً في في روح الشاعر فترى وأنت محدق في تلك الصور الشعرية ما هو أجمل وأمتع منها وبالتالي فالشاعر لا يسجل الاحداث فهو ليس ناقلا ولا مؤرخاً لكنه يأخذ من الحقيقة نصفها أو ثلثها أو ربعها أو لا يأخذ منها شيئاً حتى يجسد صورة ما ينفخ فيها من روحه فتصير خلقاً جديداً مستوياً على سوقه
.
احاول جاهداً الا أقول شعراً مكتفياً بتذوق حلاوة الشعر عبر ملايين القصائد المكتوبة مثل نجوم تدور في فلك مجرتنا الحبيبة ومكتفياً بكوني أؤمن بأن القضية الاساسية لا تكمن ابداً في كتابة الشعر بقدر ما تكمن في أن يعيش الانسان كشاعر وبالرغم من كوني راض تماماً عن تحقيق هدفي في أن أعيش كشاعر ولا أكتب الشعر الا أنني افاجأ دائماً بأن الشعر يكتبني مضطراً حيث لا استطيع المواجهه
.

أخلص من هذا الى أن

الشاعر ليس هو الشخص الذي يكتب الشعر مختاراً

بل هو الشخص الذي يكتبه الشعر مضطراً
.............

يا شعر يا وحي الوجود الحي يا لغة الملائك

غـرد فأيـامي أنا تــبـكـي عــلى ايـقـاع نـاـيك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق