السبت، يونيو 07، 2008

فضيلة الصمت

لا أعرف لماذا أصبح الجميع يتحدثون بلا توقف
اسافر الى الاسماعيلية يومياً وكل يوم يجلس شخصاً بجانبي لا يتوقف عن الحديث حتى نصل الى مركز ابحاث هيئة قناه السويس
بعدها يتسلمني شخصاً آخر ليتحدث في موضوعات جديدة
وهكذا اكون أنا من شخص يتحث كثيراً الى شخص يتحدث أكثر
حتى عندما فكرت في تغيير مكاني في الاتوبيس لأجلس في مكان آخر عل الله يرزقني برفيق سفر يعرف فضيلة الصمت فإذا بي اصطدم بشخص ليس ثرثاراًً فقط وأنما مجادلاً أيضاً لا يترك حواراً أو مناقشة إلا ويقلبها إلى جدلاً عقيماً لا ينتج عنه إلا مزيداً من الصداع
الغريب انني انظر الى الشخص الاول فاذا بي اجده صامتاً لا يتحدث الى الشخص الجديد بجواره وكأنما لا يبدأ الاشخاص في الحديث الا عندما يجلسون بجواري
أذهب الى الحلاق لاتخلص من بقايا شعيرات تتناقص تدريجياً حتى تكاد تختفي فإذا بالحلاق طوال اربعون دقيقة كاملة لم يتوقف خلالها عن الكلام فيما لا يقل عن ثلاثة موضوعات بعد المائة الثانية وكأنما يعرف وهو جالس في صالونه طوال اليوم ما يحدث في كل شبر من الارض
سائقوا التاكسي أيضاً يشاركون في المهمة بكل حماس فأقضي ربع ساعة من كل مشوار وأنا استمع الى الفلاسفة من سائقي التكسيات وكأنما قد حكم علي بأن أصل الى كل مشوار وقد أصابني صداع مزمن وطبعاً أتذكر اعلان ميلودي والشخص الذي يكح تراباً طوال الوقت
لا أعلم لماذا يتذكر الناس الحديث فجأة عندما يروني وكأنني كرسي الاعتراف في كنيسة السكستين في روما حتى أنني بدأت أشك أنه محفور على جبهتي عبارة تحدث اليً أو أنني ارتدي تيشرتاً مكتوباً عليه سبيك تو مي فأصبحت أنظر الى ملابسي كلما بدأ أحدهم بالكلام
الحقيقة أنني لا أعرف هل زاد معدل الكلام عند الناس أم انني الذي قد أصبحت أقل صبراً من أن استمع اليهم وفي كل الاحوال فالنتيجة واحدة وهي أنني أذهب الى النوم وأنا مصاباً بصداع شديد وأستيقظ وأنا مصاباً بصداع أشد لدرجة أنني أتوقع أنني الشخص الاول في العالم الذي سيلقى حتفه متأثراً باصابته بمرض الصداع




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق