الاثنين، ديسمبر 18، 2006

عود على بدء


كعادتي كلما افتقدت تلك الرائحة التي تسري في الشرايين قبل أن تدخل الى الشعب الهوائية
وكعادتي كلما اشتقت الى تلك الايام التي لا تزال اصداء ذكراها تتردد عبر المئات من قمم الجبال الشاهقة
لا يزال ذاك الطفل العابث داخلي يهفو الى تلك الاماكن التي شهدت مولد ذلك الشاب الوقور
يايتها الاسكندرية؟
كيف تصنعين ببهائك ذلك المزيج العنقودي بين الرهبة والشجن؟
كيف تخلقين بغموضك في نفسي تلك الحيرة بين تأثيرات الطبيعة وموحيات الكتب؟
كيف تطمسين باقدامك تلك الاعوام التي خلت ولم يبقى منها غير الحلم الجميل؟
اليوم جئت اليك جسداً فقط
وقد استودعت قلبي وروحي من تملك مفاتيح القلب والروح
حاملا معي ذكريات موجعة ترفرف كالاجنحة غير المنظورة حول رأسي
مثيرة تنهدات الحزن والاسى في أعماق صدري
مستقطرة دموع اليأس والاسف من اجفاني
أما عن تلك الظلمة فلاتزال تنتابني وتأبى سحبها الكثيفة أن تنقشع حتى تتلون باشعة الشمس
واكتشفت انها لا ترجع الى حاجتي الى الترف والملاهي لانهما كانا متوافران لدي
ولا عن افتقاري الى الرفاق لانني كنت اجدهم اينما ذهبت
لكنها علة طبيعية في النفس تحبب الى الوحدة والانفراد
وتميت في روحي الميل الى الملاهي والالعاب
وتخلع عن كتفي اجنحة الصبا وتجعلني أمام الوجود كحوض مياه بين الجبال يعكس بهدوئة المحزن رسوم الاشباح والوان الغيوم وخطوط الاغصان
لكنه ابداً لا يجد ممراً مترنماً يسير فيه الى البحر
وكعادتي دائماً عند نزول المطر
اذهب الى تلك الصخرة الصماء التي كان يجلس عليها مطران
وقد كنت اضع عليها علامة اجدها قد اختفت في زيارتي التالية
بفعل عوامل التعرية وقوة الناطحات من موج البحر
وكأن القدر يصر على ان أظل ابحث عنها طويلا كل مرة
وبكل هدوء
اجلس واترنم بأجمل ما قاله مطران في حياته
مستشرفاً بذلك الظلام المحيط بي وتلك الظلمه المنبعثة من داخلي
واردد دون توقف
ما قاله ذلك الفنان الرائع الحس الذي نصحه اصدقائه بالذهاب الى الاسكندرية علها تنسيه ذلك الجرح الغائر الذي اصاب قلبه بعد فقد حبيبته
اني اقمت على التعلة بالمنى في غربة قالوا تكون دوائي
ان يشف هذا الجسم طيب هوائها اتلطف النيران طيب هواء
عبث طوافي في البلاد و علة في علة منفاي لاستشفاء
متفرد بصبابتي متفرد بكابتي متفرد بعنائي
شاك الى البحر اضطراب خواطري فيجيبني برياحه الهوجاء
ثاو على صخر اصم و ليت لي قلبا كهذي الصخرة الصماء
ينتابها موج كموج مكارهي ويفتها كالسقم في اعضائي
و البحر خفاق الجوانب ضائق كمدا كصدري ساعة الامساء
تغشى البرية كدرة و كانها صعدت الى عيني من احشائي
و الافق معتكرقريح جفنه يفضي على الغمرات و الاقذاء
ياللغروب و ما به من عبرة للمستهام و عبرة للرائي
او ليس نزعا للنهار و صرعة للشمس بين ماتم الاضواء
و لقد ذكرتك و النهار مودع و القلب بين مهابة و رجاء
و خواطري تبدو تجاه نواظري كلمى كدامية السحاب ازائي
و الدمع من جفني يسيل مشعشعا بسنا الشعاع الغارب المترائي
و الشمس في شفق يسيل نضارة فوق العقيق على ذرا سوداء
مرت خلال غمامتين تحدرا و تقطرت كالدمعة الحمراء
فكأن اخر دمعة للكون قد مزجت باخر ادمعي لرثائي
و كانني انست يومي زائلا فرايت في المراة كيف مسائي

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
على الهامش
ـــــــــــــــــــــــــــ
من لم يمت بالسيف مات بغيره
تعددت الاسباب والموت واحد


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق