الخميس، يناير 11، 2007

زرع ألم


الفراق
اشبه بعملية جراحية
هي عملية زرع ألم
في اعمق اعماق القلب الانساني
بحيث يسير في الدم ويغمر كل انحاء الجسد
بعده تصرخ الانسجة ولا تعرف مصدر هذا الصراخ
وتئن الخلايا ولا تعرف ابداً من أين يأتي الانين
للوهله الاولى تصيب الانسان حالة من الهستيريا الصامتة صعبة العلاج
بحيث يبدوا مشدوهاً أمام تلك الصدمة
ثم تراه منشغلاً في استخراج شهادة الوفاه وتصريح الدفن
وتارة تجده يشارك في تغسيل المتوفي
ثم تأتي صلاه الجنازة ويتبعها الجنازة نفسها
ولا يملك الا ان يذرف الدموع في اخر عهده بمن احب وقد وارى جسده الثرى
الى هنا وكل شيء يبدو طبيعياً ومألوفاً
ولكن ما ليس بطبيعي وما هو غير مألوف هي المرحلة التالية
عندما تعود الى البيت دونه
عندما يخلو البيت من صوته
هنا كان يجلس وهنا كان ينام
تتذكره في كل لحظه
عندما تفتح دولابك
وعندما تجلس الى الكمبيوتر
عندما تعبر أمام مستشفى بورفؤاد حيث اللقاء الاخير
وطوال تسعون دقيقة تشجع فيها الاهلي بالرغم من انك لا تحبه
ثم تصيبك حالة هستيرية وتشك في انه كان موجوداً يوماً ما
انه وهم صنعه خيالك فرسم صورة خيالية لشخص مثالي لم يكن موجوداً ابداً الا في عقلك الباطن
تهرع الى التليفون لتجد رسائله ما زالت موجودة
وشموعه لا تزال مضاءة
يصيبك الجنون
وتعيش لفترة في مرحلة وسطى بين الا وعي والا وعي
وتتذكر
اقتسام الحلم والفكرة والذكرى
الصفح قبل المصافحة والوصل قبل الوصال
ويضيع الخط الفاصل بين الوهم والحقيقة
وبين العقل والجنون
وبين احلام اليقظة واحلام ما قبلها
ولا تملك
الا أن تحفظ تلك الذكريات الخلابة
داخل شرنقة حريرية الملمس
وتغطيها بكل ما تملك من الاحاسيس
ثم تدخلها الى ذلك المكان الخاص جداً من قلبك حيث لا يمكن لاحد رؤيتها
وتضع عليها لافته ممنوع الدخول لغير العاملين
وتحافظ عليها بكل ما تملك من قوة
لتسترجعها في غير أوقات العمل الرسمية
عندما يعوزك الفرحة وتفتقد السكينة
وتفتقر الى الابتهاج
ولتحمد الله
أنك قد ذقت من حلاوة الكأس
فالان فقط تستطيع أن تزعم بكل الصدق
أنك قد أتيت الى الدنيا
وأنك كنت على قيد الحياه ولو لايام معدودات
وإن قلت
وتستطيع الآن بكل الفخر أن تزيل تلك العبارة التي كتبتها يوماً ما على قبرك
تقول فيها
مات قبل أن يولد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق